فصل: من يصح منه النذر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.كفارة الحلف بغير الله:

من حلف بغير الله عالماً متعمداً فقد أتى شركاً، وفَعَل محرماً، فعليه أن يتوب إلى الله، ويأتي بكلمة التوحيد، ويتفل عن شماله ثلاثاً، ويتعوذ بالله من الشيطان.
1- قال الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [114]} [هود: 114].
2- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: وَاللاَّتِ وَالعُزَّى، فَليَقُل: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَليَتَصَدَّقْ». متفق عليه.
3- وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَلَفَ بِاللاَّتِ وَالعُزَّى، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: قَدْ قُلتَ هُجْراً. فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ العَهْدَ كَانَ حَدِيثاً، وَإِنِّي حَلَفْتُ بِاللاَّتِ وَالعُزَّى. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «قُل لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ ثَلاَثاً، وَاتْفُل عَنْ شِمَالِكَ ثَلاَثاً، وَتَعَوَّذْ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلاَ تَعُدْ». أخرجه أحمد وابن ماجه.

.9- النذر:

.1- معنى النذر وحكمه:

النذر: هو إلزام مكلفٍ نفسه شيئاً لله غير لازم بأصل الشرع بكل قول يدل عليه.

.صفة النذر:

ليس للنذر صيغة معينة، وإنما ينعقد بكل قول يدل على الالتزام كأن يقول:
لله عليَّ نذر.. أو لله عليَّ عهد.. أو لله عليَّ أن أفعل كذا.. أو لله عليَّ أن أترك كذا ونحو ذلك.
ويصح النذر منَجَّزاً ومعلَّقاً.
فالمنجَّز أن يقول مثلاً: لله عليَّ أن أصوم ثلاثة أيام.
والمعلَّق أن يقول مثلاً: إن شفى الله مريضي فلله عليَّ أن أتصدق بألف ريال.

.حكم النذر:

1- النذر مشروع في حق مَنْ يعلم مِن نفسه القدرة على الوفاء به، وهذا النذر عبادة؛ لأن الله أمر بالوفاء به، ومدح الموفين به.
2- النذر مكروه في حق مَنْ يعلم مِن نفسه عدم القدرة على الوفاء به.
فالنذر لا تحمد عقباه، فإن الناذر قد لا يفي، وقد يتعذر الوفاء به، وقد يفعله كارهاً مستثقلاً له، فيلحقه الإثم.
والنذر إذا تعلق به نفع للناذر لم يقع طاعة خالصة، فكأن الناذر يشارط الله ويعاوضه على حصول مطلوبه، والله غني عن العباد وطاعاتهم.
فهذا النذر لا يأت بخير، وليس فيه فائدة شرعية ولا قدرية، لا شرعية فهو لا يأت بخير، ولا قدرية فهو لا يرد قدراً.
1- قال الله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [29]} [الحج: 29].
2- وقال الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [7]} [الإنسان: 7].
3- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَنْ نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللهَ فَليُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ». أخرجه البخاري.
4- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ قَالَ: «النّذْرُ لاَ يُقَدِّمُ شَيْئاً، وَلاَ يُؤَخِّرُهُ، وَإنّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ». متفق عليه.
5- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَنْذِرُوا، فَإنّ النّذْرَ لاَ يُغْنِي مِنَ القَدَرِ شَيْئاً، وَإنّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ». متفق عليه.

.من يصح منه النذر:

يصح النذر من كل بالغ، عاقل، مختار، مسلماً كان أو كافراً، فلا يقع من صغير، ولا مجنون، ولا مكرَه.
1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثلاَثةٍ، عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ المُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ وَعَنِ الصَّبيِّ حَتَّى يَكْبُرَ». أخرجه أبو داود والنسائي.
2- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ عُمَرَ سَألَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أنْ أعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ؟ قال: «فَأوْفِ بِنَذْرِكَ». متفق عليه.

.2- أقسام النذر:

أقسام النذر:
ينقسم النذر إلى ستة أقسام:

.الأول: نذر الطاعة:

وهو نوعان كلاهما صحيح.
سواء كان مطلقاً كقوله: لله علي أن أصوم ثلاثة أيام، أو لله علي أن أتصدق بمائة ريال، وهو أفضل أنواع النذر.
أو كان النذر معلقاً كقوله: إن شفى الله مرضي فلله علي أن أتصدق بكذا، أو أصوم شهراً، أو أعتمر ونحو ذلك.
فإذا وُجد الشرط لزمه الوفاء به.
والنذر المطلق عبادة وطاعة وقربة يجب الوفاء به، وقد مدح الله الموفين به، ومن عجز عنه فعليه كفارة يمين.
1- قال الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [7]} [الإنسان: 7].
2- وقال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [270]} [البقرة: 270].
3- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللهَ فَليُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ». أخرجه البخاري.

.الثاني: نذر المباح:

كأن يقول: لله عليّ أن ألبس هذا الثوب، أو أركب هذه السيارة، أو أصعد هذا الجبل.
فهذا فِعْل مباح، يستوي فِعله وتركه، فيخير بين فعله وبين كفارة يمين.
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله؟ قَالَ: «كَفّارَةُ النّذْرِ كَفّارَةُ اليَمِينِ». أخرحه مسلم.

.الثالث: نذر المكروه:

كأن يقول: لله عليّ أن آكل هذا الثوم ونحو ذلك من المكروهات.
فهذا يستحب له أن يكفر عن يمينه، ولا يفعل ما نذر.
عَنْ عَدِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى اليَمِينِ، فَرَأَى خَيْراً مِنْهَا، فَليُكَفّرْهَا، وَليَأْتِ الّذِي هُوَ خَيْرٌ». أخرجه مسلم.

.الرابع: نذر المعصية:

وهو نذر فعل محرم، كأن يقول: لله علي أن أقتل فلان، أو لله علي أن أشرب الخمر، أو أصوم يوم العيد، أو أصلي بلا وضوء ونحو ذلك.
فهذا النذر محرم ولا يصح، ويحرم الوفاء به، وعليه أن يكفِّر عنه كفارة يمين.
1- عَنْ عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النبيَّ؟ قَالَ: «لاَ وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ العَبْدُ». أخرجه مسلم.
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ نَذرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ». أخرجه أبو داود والترمذي.

.الخامس: نذر اللجاج والغضب:

وهو أن يعلق نذره بشرط بقصد المنع منه، أو الحمل عليه، أو التصديق، أو التكذيب، كأن يقول: إن كلمت فلاناً فلله علي صيام شهر، أو يقول: إن لم أفعل كذا فما لي كله هبة، أو عبيدي أحرار، أو يقول مؤكداً لِصِدقه: لله علي إن كان كلامي كذباً أن أصوم شهراً، أو يكذِّب أحداً ويقول: إن كان ما تقوله صدقاً فعبيدي أحرار.
فهذا النذر بمعنى اليمين، إن شاء فَعَل ما نذر، وإن شاء كفَّر عنه كفارة يمين.
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله؟ قَالَ: «كَفّارَةُ النّذْرِ كَفّارَةُ اليَمِينِ». أخرجه مسلم.

.السادس: النذر المطلق:

وهو النذر الذي لم يعيَّن فيه شيء، كأن يقول: لله علي نذر، ولم يسم شيئاً.
فهذا الناذر تلزمه كفارة يمين، ويتحلل مِنْ نذره.
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله؟ قَالَ: «كَفّارَةُ النّذْرِ كَفّارَةُ اليَمِينِ». أخرجه مسلم.

.3- أحكام النذر:

.أنواع النذر:

النذر من حيث صفته نوعان:
الأول: نذر إنشائي، ويسمى النذر المطلق، كأن يقول مثلاً: لله علي أن أنحر بدنة وأطعمها الفقراء، أو يقول: لله علي أن أصوم شهراً، أو أتصدق بكذا، فهذا النذر عبادة، وقد مدح الله الموفين به.
الثاني: نذر معلق أو مقيد بمصلحة للناذر، كقوله: لله علي كذا إن شفى الله مرضي، أو ربح مالي، أو قدم أخي، فهذا النذر مكروه كما سبق.

.حكم النذر فيما يشق على الإنسان:

يكره النذر في كل ما يشق على الإنسان من الأعمال والطاعات.
فمن نذر نذراً لا يطيقه، ويلحقه به مشقة كبيرة، كمن نذر أن يقوم الليل كله، أو يصوم الدهر كله، أو يتصدق بماله كله، أو يحج ماشياً ونحو ذلك.
فهذا لا يجب عليه الوفاء بهذا النذر، وعليه كفارة يمين.
1- قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [16]} [التغابن: 16].
2- وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيمَا لا يَمْلِكُ». متفق عليه.
3- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَدْرَكَ شَيْخاً يَمْشِي بَيْنَ ابْنَيْهِ، يَتَوَكّأُ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «مَا شَأْنُ هَذَا؟» قَالَ ابْنَاهُ: يَا رَسُولَ الله كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ، فَقَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «ارْكَبْ أَيّهَا الشّيْخُ فَإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكَ وَعَنْ نَذْرِكَ». أخرجه مسلم.

.حكم الحنث في اليمين:

إذا خالف الحالف مقتضى اليمين بفعل ما حلف على تركه، أو تَرْك ما حلف على فعله، فقد حنث.
ويختلف حكم الحنث باختلاف الفعل المحلوف عليه كما يلي:
1- إذا حلف على ترك واجب كالصلاة، أو فعل محرم كالزنا.
فهذا يجب عليه أن يفعل الواجب، ويترك المحرم، ويكفِّر عن يمينه.
2- إذا حلف على ترك مستحب كالسواك، أو فعل مكروه كالتخصر في الصلاة.
فهذا يستحب له أن يفعل المستحب، ويترك المكروه، ويكفِّر عن يمينه.
3- إذا حلف أن يفعل الواجب كأن يصل رحمه، أو يترك المحرم كالزنا.
فهذا يحرم عليه الحنث.
4- إذا حلف على فعل مستحب، أو ترك مكروه، كما لو حلف أن يغتسل يوم الجمعة، فهذا يكره له الحنث، فيبر بيمينه.
5- إذا حلف على فعل مباح أو تركه، كما لو حلف أن يشتري هذه السيارة مثلاً.
فهذا مخير، إن شاء حنث فلا يشتريها، وعليه كفارة يمين، وإن شاء اشتراها، والأوْلى أن يفعل الأحسن والأنفع له.

.حكم من عجز عن الوفاء بالنذر:

من نذر فعل طاعة من صلاة أو صدقة أو صيام ونحو ذلك، ثم عجز عن الوفاء بما نذر لكبر أو مرض فإن كان يرجى زوال عجزه انتظر زواله، وإن كان لا يرجى زواله فلا يلزمه الوفاء به؛ لعجزه، وعليه كفارة يمين.
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله؟ قَالَ: «كَفّارَةُ النّذْرِ كَفّارَةُ اليَمِينِ». أخرجه مسلم.

.حكم من خلط في نذره طاعة ومعصية ومشقة:

من خلط في نذره طاعة بمعصية أو مشقة، لزمه فعل الطاعة، وترك المعصية والمشقة، ولا كفارة عليه.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَألَ عَنْهُ فَقَالُوا: أبُو إِسْرَائِيلَ، نَذَرَ أنْ يَقُومَ وَلا يَقْعُدَ، وَلا يَسْتَظِلَّ، وَلا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مُرْهُ فَليَتَكَلَّمْ وَليَسْتَظِلَّ وَليَقْعُدْ، وَليُتِمَّ صَوْمَهُ». أخرجه البخاري.

.حكم من نذر أن يصوم أياماً فوافق يوم عيد:

من نذر أن يصوم أياماً فوافق ذلك يوم عيد الفطر أو الأضحى، فلا يجوز له صوم يوم العيد، ولا كفارة عليه.
عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَألَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: نَذَرْتُ أنْ أصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثَلاثَاءَ أوْ أرْبِعَاءَ مَا عِشْتُ، فَوَافَقْتُ هَذَا اليَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ: أمَرَ اللهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنُهِينَا أنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ مِثْلَهُ، لا يَزِيدُ عَلَيْهِ. متفق عليه.

.مصرف النذر:

مصرف النذر بحسب نية صاحبه في حدود الشرع، فإن نوى بالمنذور من طعام أو غيره الفقراء فلا يجوز أن يأكل منه، وإن نوى بنذره أهل بيته، أو رفقته، أو أصحابه، جاز له أن يأكل كواحد منهم.

.حكم من نذر ثم مات:

من نذر نذراً، ثم مات قبل أن يقضيه: فإن تمكن من القضاء ولم يقضه، قضاه عنه وليه إن كان مما تدخله النيابة كالصوم، والصدقة ونحوهما كالحج، والعمرة.
وإن لم يتمكن من القضاء حتى مات، فلا قضاء عليه ولا كفارة.
عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّهُ قَالَ: اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ الله? فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمّهِ، تُوُفّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فَاقْضِهِ عَنْهَا». متفق عليه.

.حكم النذر لغير الله:

النذر عبادة من العبادات، فلا يجوز صرفه لغير الله؛ لأنه يتضمن تعظيم المنذور له، والتقرب إليه بالمنذور، فمن نذر لغير الله من قبر، أو صنم، أو مَلَك، أو نبي، أو ولي، فقد أشرك بالله الشرك الأكبر، وارتكب محرماً عظيماً، ووَضَع العبادة في غير موضعها، وصرفها لغير مستحقها، وهو الله عز وجل المستحق للعبادة وحده.
وهذا النذر باطل يحرم الوفاء به، ولا ينعقد.
قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [162] لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [163]} [الأنعام: 162- 163].

.حكم من نذر ثم جُنَّ:

إذا نذر الإنسان نذراً معيناً بيوم أو شهر، ثم جُنَّ قبل أن يصل ذلك اليوم فلا قضاء عليه بالنسبة للعبادات البدنية؛ لأنه مرفوع عنه القلم.
وأما العبادات المالية كالصدقة فيلزم أهله إخراجها من ماله؛ لأنها متعلقة بالمال لا بصاحبه، فلو قال: إن قدم زيد فعلي أن أتصدق بكذا، فقدم زيد وهو مجنون فتلزمه.

.حكم تعليق النذر بالمشيئة:

إذا علق النذر بالمشيئة كأن يقول: لله علي نذر أن أفعل كذا إن شاء الله تعالى.
ففي النذر الذي حكمه حكم اليمين ليس عليه حنث.
وإن نذر فعل طاعة، فإن كان قصده التعليق فلا شيء عليه، وإن كان قصده التحقيق أو التبرك، وجب عليه أن يفعل حسب نيته.

.الباب العشرون: كتاب الخلافة:

ويشتمل على ما يلي:
1- معنى الخلافة.
2- أحكام الخلافة.
3- أحكام الخليفة.
4- طرق انعقاد الخلافة.
5- البيعة.
6- واجبات الخليفة.
7- واجبات الأمة.
8- نظام الحكم في الإسلام.
9- حكم الخروج على الأئمة.
10- انتهاء ولاية الحاكم.

.1- معنى الخلافة:

الخليفة: هو الإمام الذي يحمل كافة الأمة على مقتضى الشرع، في أمر الدين والدنيا.
ويسمى خليفة الله؛ لأن الله استخلفه في عباده ليقيم شرعه وعدله فيهم.
ويسمى خليفة رسول الله، لأنه خَلَف رسول الله في أمته في العلم، والعبادة، والدعوة، والسياسة ونحو ذلك.
وسمي خليفة؛ لأنه خَلَف مَنْ قبله في الحكم.

.أسماء الخليفة:

الخليفة هو الإنسان الذي له السلطة العليا في الدولة، وله أسماء متعددة تختلف باختلاف البلاد مثل:
الخليفة.. إمام المسلمين.. أمير المؤمنين.. الملك.. الرئيس.. السلطان.. الحاكم.
والخليفة هو الذي يعيِّن الولاة والأمراء والقضاة في مناطق دولته.
1- قال الله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ [26]} [ص: 26].
2- وقال الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [124]} [البقرة: 124].
3- وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ [20]} [المائدة: 20].
4- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أطَاعَنِي فَقَدْ أطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ يُطِعِ الأمِيرَ فَقَدْ أطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الأمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي». متفق عليه.
5- وَعَنْ سَفِينَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «خِلاَفَةُ النُّبُوَّةِ ثلاَثونَ سَنَةً ثمَّ يُؤْتِي اللهُ المُلكَ أَوْ مُلكَهُ مَنْ يَشَاءُ». أخرجه أبو داود والترمذي.